top of page

فخ "تفريغ الغضب" العلني على لينكد إن: كيف تدمر مستقبلك المهني بضغطة "نشر"

  • صورة الكاتب: khaled A.
    khaled A.
  • 4 ديسمبر
  • 3 دقيقة قراءة
ree


في عصر "الشفافية"، يخلط الكثيرون بين الصراحة المهنية وبين "الانفلات العاطفي". إليك لماذا يسبب لك الشعور اللحظي بالراحة ضرراً دائماً لعلامتك الشخصية.

نرى هذا المشهد يتكرر يومياً أثناء تصفحنا الصباحي لمنصة "لينكد إن".

بين المنشورات التي تتحدث عن استراتيجيات الأعمال وأخبار الترقيات، تظهر فجأة "قنبلة موقوتة". منشور يضج بالغضب العارم، أو السخط، أو حتى الشماتة المغلفة بعبارات دينية.

تارة نرى باحثاً عن عمل يهاجم مسؤولي الموارد البشرية بضراوة بسبب "التجاهل" (Ghosting)، وتارة أخرى نرى موظفاً سابقاً ينشر مراسلات بريد إلكتروني داخلية للتشهير بمديره السابق أو للاحتفال بانهيار الشركة التي طردته، معتبراً ذلك "عدالة إلهية".

ظاهرياً، تحصد هذه المنشورات تفاعلاً كبيراً. مئات الإعجابات والتعليقات التي تصرخ: "أصبت!" و"شكراً لقول الحقيقة!". يشعر الكاتب حينها بالانتصار، وربما بالشجاعة لأنه واجه الظلم.

لكن، بصفتي قيادياً ومسؤولاً يطلع على المشهد من زاوية التوظيف والإدارة العليا، أنا لا أرى شجاعة في هذه المنشورات.. أنا أرى "مخاطرة".

وبينما تكون الأسباب وراء هذا الغضب حقيقية ومشروعة تماماً (فبيئات العمل السامة وعمليات التوظيف غير المهنية مشاكل حقيقية نعاني منها)، إلا أن "لينكد إن" هو الساحة الخطأ تماماً لهذه المعارك.

إليك الحقيقة المرة حول ما يحدث لسمعتك عندما تحول ملفك المهني إلى "لوحة شكاوى":

1. أنت ترسل إشارة بأنك "صعب الإدارة" (Unmanageable)

عندما يقرأ مدير توظيف أو "Headhunter" منشوراً عدائياً يهاجم مهنة بأكملها (مثل الـ HR) أو يفضح مديراً سابقاً، فإن عقله لا يبحث عن العدالة، بل يتحول فوراً إلى وضع "تجنب المخاطر".

هو لا يفكر فيما إذا كانت شكواك محقة أم لا. هو يفكر: "إذا قمت بتعيين هذا الشخص واختلفنا يوماً ما في الاستراتيجية، هل سيقوم بالتشهير بي على لينكد إن غداً؟".

التنفيس العلني يشير إلى ضعف في "الذكاء العاطفي" والتحكم بالنفس. إنه يوحي بعقلية عدائية ترى أن كل خلاف يجب أن يُقابَل بهجوم علني. في المناصب القيادية، نحتاج لأشخاص يديرون النزاعات خلف الأبواب المغلقة، لا من يذيعونها عبر مكبرات الصوت.

2. خيانة الأمانة (الخطيئة التي لا تغتفر)

الترند الأخطر الذي أراه مؤخراً هو نشر المراسلات الداخلية (إيميلات تأديبية، تقييمات أداء، أو رسائل خاصة) لإثبات وجهة نظر ما.

دعني أكون واضحاً للغاية: هذا الفعل بمثابة "حكم بالإعدام" على مسارك المهني في المناصب التنفيذية.

حتى لو كان هذا الإيميل يثبت أن صاحب العمل السابق كان ظالماً أو غير كفء، فإن نشرك له يثبت شيئاً واحداً عنك أنت: أنك شخص لا يؤتمن على سر. كل شركة لديها مشاكل داخلية، ولا توجد شركة ترغب في توظيف الشخص الذي سيقوم بنشر "غسيلها" للعامة عند أول خلاف.

3. عقلية "المرآة الخلفية"

القادة الناجحون مهووسون بالمستقبل: أسواق جديدة، استراتيجيات أفضل، ونمو مستمر.

عندما تنشر عن مدى سعادتك بفشل شركتك السابقة، أو شعورك بـ"الانتصار" لأنهم خسروا بعد رحيلك، فأنت ترسل رسالة بأنك مهووس بالماضي. هذا يظهر شخصية تركز على تصفية الحسابات والأحقاد بدلاً من التركيز على الخطوة القادمة.

أنت بذلك تبدو كمن يقود سيارته وعينيه مثبتتان على المرآة الخلفية بدلاً من النظر للطريق أمامه.

البديل: الهيبة التنفيذية والوقار المهني

إذن، ماذا يجب أن تفعل عندما يتم تجاهلك من قبل مسؤول توظيف أو تتعرض للظلم من مدير سيء؟ الإجابة هي: أن تتحلى بالثبات.

هذا لا يعني قبول الإهانة، بل يعني ممارسة "الهيبة التنفيذية" (Executive Presence):

  • الصمت استراتيجي: أحياناً يكون أقوى رد على عدم المهنية هو الصمت التام والترفع. خذ الدرس، وتجاوز الأمر.

  • كن بنّاءً لا هدّاماً: إذا أردت الحديث عن مشاكل التوظيف، افعل ذلك بشكل تحليلي. قدم حلولاً لتحسين عمليات الـ HR بدلاً من شتم الموظفين.

  • فرّغ غضبك في الخفاء: ابحث عن مرشد (Mentor) أو صديق مقرب خارج دائرة العمل، وفرغ كل غضبك أمامه. احصل على الدعم النفسي الذي تحتاجه، ثم عد إلى الساحة العامة برباطة جأش وتركيز.

الخلاصة

في العصر الرقمي، سمعتك هي عملتك الحقيقية الوحيدة. بناؤها يستغرق سنوات من الجهد، لكن هدمها قد لا يتطلب سوى لحظة غضب وضغطة زر واحدة.

كن أصيلاً وصريحاً، نعم. ولكن إياك أن تخلط بين "الأصالة" وبين قلة الانضباط المهني. الأولى تبني الثقة، والثانية تدمرها.

 
 
 

تعليقات


شعار الدكتور خالد أبو الدهب

خالد أبو الدهب

  • Instagram
  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn

©2023 خالد أبو الدهب

bottom of page