القاتل الصامت: لماذا تموت العلاقات حقاً؟ (تنبيه: ليس السبب الذي تفكر فيه)
- khaled A.
- قبل يومين
- 3 دقيقة قراءة

تخيل أنك تشاهد مبنى ضخماً وجميلاً ينهار فجأة. الغبار يملأ المكان، والجميع يصرخ متسائلاً: "كيف حدث هذا؟ لقد كان يبدو قوياً بالأمس!".
في العلاقات الإنسانية، يحدث هذا الانهيار يومياً. نستيقظ لنجد أن الحب قد تبخر، والشغف تحول إلى برود، والشريك الذي كان "توأم الروح" أصبح غريباً. وحين نسأل عن السبب، نشير بأصابع الاتهام إلى "المجرمين" المعتادين.
لكن الحقيقة أكثر تعقيداً.. وأكثر قسوة.
ليس الخيانة.. وليست الظروف
عندما تفشل علاقة، يسهل علينا جداً تعليق "الجريمة" على شماعة الأسباب الواضحة:
* البعض سيقول "الخيانة": نعم، إنها مدمرة، لكنها غالباً ما تكون "الرصاصة الأخيرة" وليست بداية المعركة. الخيانة نتيجة لشرخ حدث قبلها بكثير.
* البعض سيصرخ "المال والظروف المعيشية": صحيح أن الضغط المادي خانق، لكننا رأينا أزواجاً بنوا سعادتهم في غرف صغيرة وعلى حصيرة من قش، ورأينا قصوراً تضج بالتعاسة.
* وآخرون سيتحدثون عن "الملل": الملل طبيعي، وهو مرحلة يمر بها الجميع. الملل وحده لا يقتل الحب، بل رد فعلنا تجاهه هو ما يفعل.
إذن، إذا استبعدنا هؤلاء المشتبه بهم، فمن هو القاتل الحقيقي الذي يتسلل إلى غرفة النوم ويخنق المودة ببطء بينما نحن غافلون؟
الفخ الذهبي: لعنة "سقف التوقعات"
السبب الأول، والأكثر فتكاً، والأكثر شيوعاً لانهيار العلاقات هو "ارتفاع سقف التوقعات" (Unrealistic Expectations).
نحن لا ندخل العلاقات لنتعرف على الشخص الآخر كما هو؛ بل ندخلها وفي جيوبنا "سيناريو" جاهز لفيلم رومانسي كتبناه مسبقاً. نحن نبحث عن ممثل بارع ليؤدي دور البطولة في خيالنا، لا عن شريك حقيقي من لحم ودم.
كيف يدمر هذا التوقع علاقتك؟
1. وهم قراءة الأفكار:
أخطر أنواع التوقعات هو: "إذا كان يحبني حقاً، سيفهم ما بي دون أن أتكلم". هذه الجملة وحدها دمرت علاقات أكثر مما فعلت الحروب. أنت تتوقع من شريكك أن يكون عرافاً، وحين يفشل في قراءة عقلك (لأنه بشر)، تعتبر هذا دليلاً على عدم الاكتراث. هنا تبدأ التراكمات.
2. الرغبة في "الباكيج" الكامل:
نحن نتوقع من الشريك أن يكون: الحبيب الشغوف، والصديق المقرب، والمستشار المالي، والداعم النفسي، والشريك المرح، والناضج المسؤول... كل ذلك في وقت واحد وطوال الوقت.
عندما يرفع سقف التوقعات إلى هذا الحد، يصبح أي تقصير بشري طبيعي "جريمة" لا تغتفر. ننسى أن الشريك قد يمر بيوم سيء، أو قد يكون مرهقاً، أو ببساطة "غير قادر" الآن.
3. مقارنة الواقع بالخيال:
السوشيال ميديا رفعت السقف إلى السماء. نرى "الصور المثالية" للأزواج الآخرين، ونتوقع أن تكون حياتنا مثل "الهايلايتس" (Highlights) الخاصة بهم. وحين نصطدم بروتين الحياة اليومية، وبشخص يستيقظ بشعر غير مرتب ومزاج عكر، نشعر بالخديعة. الفجوة بين "ما توقعته" و"ما وجدته" هي المكان الذي ينمو فيه الإحباط.
الحل؟.. حطم السقف لترى السماء
نجاح العلاقات لا يكمن في العثور على شخص خارق يحقق كل أمنياتك السحرية. النجاح يكمن في "إدارة التوقعات".
* توقع أن يخطئ شريكك.
* توقع أن تكون هناك أيام مملة.
* توقع أنك ستحتاج إلى "الكلام" بوضوح لطلب ما تريد بدلاً من انتظار التلميحات.
الحب الحقيقي ليس أن تجد شخصاً يطابق الصورة التي في رأسك، بل أن تحرق تلك الصورة، وتحب الشخص الذي يقف أمامك، بعيوبه، ونواقصه، وإنسانيته. المنطقة الآمنة: لا تسقط من السقف إلى القاع
ولكن، حذارِ من الفخ المعاكس. عندما نقول "حطم سقف التوقعات المستحيل"، لا ندعوك للسقوط الحر نحو "قاع" اللامبالاة أو القبول بأقل مما تستحق.
كثيرون، حين تصطدم أحلامهم الوردية بصخرة الواقع، يتطرفون في رد فعلهم قائلين: "حسناً، لن أتوقع شيئاً على الإطلاق!". وهذا استسلام خطير، لا يقل ضرراً عن التوقعات العالية.
السر يكمن في "الوسطية الذهبية".
إذا فشلت في ملامسة "سقف" الكمال – وهذا أمر حتمي لأننا بشر – فلا تهوِ إلى "أرض" القبول بالهوان أو التنازل عن أساسيات الاحترام والمودة.
ارضَ بالوسط؛ فالوسط هنا ليس "نصف حب" أو حياة باهتة، بل هو الحب الواقعي المستدام.
هو أن تقبل النواقص البسيطة، لكن لا تقبل الإهمال المتعمد.
هو أن تتنازل عن "السيناريو السينمائي"، لكن لا تتنازل عن كرامتك واحتياجاتك العاطفية الأساسية.
الوسط هو تلك المساحة الجميلة والآمنة، حيث يمكنك أن ترى شريكك بوضوح، تحب عيوبه التي يمكن التعايش معها، وتقف بحزم ضد ما لا يمكن قبوله.
انظر لشريكك الآن، هل تحبه هو؟ أم تحب الصورة التي تريدها منه؟ إجابتك ستحدد مستقبل علاقتك.




تعليقات